جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. logo تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
shape
شرح الوصية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية
70986 مشاهدة print word pdf
line-top
حرص شيخ الإسلام ابن تيمية على أتباع الشيخ عدي بن مسافر

...............................................................................


...التي كتبها شيخ الإسلام أبو العباس أحمد ابن تيمية رحمه الله وجهها إلى طائفة يخاف عليهم أن يقعوا في شيء من التصوف؛ منتسبين إلى شيخ لهم يقال له عدي فأودع فيها هذه النصائح التي هي عقيدة أهل السنة، وكأنه خاف أنهم ينحرفون إلى معتقدات المتصوفة، وقد كانت متفشية كثيرا؛ كعقيدة البطائحية؛ الذين يدعون أن لهم أحوالا، وأن أحوالهم هذه تُغْنِيهم عن الشرع.
وكذلك غلاة الصوفية، وأهل وحدة الوجود وأتباعهم، فأدَّى أو أرسل إليهم هذه النصيحة؛ وذلك لأن شيخهم كان على طريقة أهل السنة إلا أنهم غَلَوْا فيه، وخيف عليهم أن يصرفوا له شيئا من حق الله تعالى؛ كما فعل غيرهم مثل الذين غلوا في الرفاعي وغلوا في عبد القادر الجيلاني ونحوهما؛ فَوَجَّهَ إليهم هذه النصيحة، ولكنها نصيحة نافعة، متضمنة أصول المعتقد؛ مثل تعريف الإسلام، وتعريف الإيمان، وأركان الدين، وكذلك تفاصيل العقيدة، فهي مِنْ أَنْفَعِ ما كتبه.
كتب رحمه الله وصايا كثيرة، ونصائح وعقائد، ورسائل بعث بها إلى الكثير من الأحباب، وكتبها أو وَجَّهَهَا إلى كثيرين من الإخوان، وذلك لأنه في زمانه وقع كثير من الفتن التي تُخِلُّ بالعقيدة؛ فَكَثُرَ الذين يقولون بوحدة الوجود؛ أتباع ابن عربي وابن الفارض وابن سَبْعِين ونحوهم، وكثرت الفتنة بهم، وكثر استشهاداتهم وكتاباتهم، والأبيات التي يَتَمَثَّلُون بها، ونحو ذلك، وكثر المتصوفة الذين غلوا في مشائخهم، وادَّعوا أنهم أفضل من الرسل، وسموهم الأولياء، وكثر المعتزلة والأشعرية الذين يتسمون بأنهم أهل السنة، ولكنهم على طريقة المبتدعة في إنكار كثير من الصفات.
ووجدت أيضا مقدمات الشرك في العبادة، وهم القبوريون، فكل هؤلاء كتب فيهم، ونصح وبَيَّنَ، وأظهر التحذير منهم؛ حتى لا يُغْتَرَّ بهم، وأكثر الذين كتب فيهم الأشاعرة؛ ناقشهم مناقشة جدية كبيرة طويلة، والرافضة ناقشهم أيضا؛ ابْتُلِيَ بكثير منهم؛ لأنهم أيضا تمكنوا في ذلك العهد ولا يزالون متمكنين إلى اليوم، فلذلك كانت كتاباته رحمه الله حول العقيدة.
ولم تَصُدَّهُ هذه الكتابات عن الكتابة حول الأحكام، فشرح كتاب العمدة؛ عمدة الفقه الذي كتبه ابن قدامة رسالة مختصرة عمدة الفقه لم يشرح مثله في توسعه واستطراده.
وقد وجد كثير من هذا الشرح في قطع متفرقة طبع بعضها، وبعضها في طريقه إلى أن يطبع؛ مما يدل على أنه لم يقتصر على أمور العقيدة؛ بل اشتغل أيضا بعلم الأحكام.
وعلى هذا فإنا نقول: إن الوصية هذه مما يجتهد في تعلمها كسائر الوصايا وسائر العقائد، والآن نستمع إلى كلامه.

line-bottom